[center]حينما يُخطىء المرء
كاثرين سشولز صحفية وقاصة ومدونة كتبت في عدة مجلات و صحف ومن ثم قامت بكتابة كتاب نال من الشهرة النصيب الوفير يدعى " حينما يخطئ المرء " وتتحدث في هذه المحادثة الشيقة عن ذلك الأمر تحديداً وعن شعور الإنسان انه مصيب على الدوام وكيف ان هذا الشعور يودي به الى الهاوية وهو متعنت لا يعبأ بكل الإشارات التي تدور من حوله محذرة إياه من المضي قدماً ناهيك عن نصح أخلاءه وأصدقائه من حوله وكيف يجابه هذا النصح بعدة أساليب .
فتبدأ المحادثة قائلةً "
لقد قضيت جُل الخمس سنوات الماضية من حياتي وانا أفكر حينما نفهم الأمور بصورة خاطئة .. رغم كل تلك الإشارات من حولنا وكيف نتصرف عندما نكتشف أننا مخطئون حيال ذلك وكل هذا يخبرنا عن طبيعتنا كبشر في الحقيقة .. جميعناً ..يقوم بكل شيء .. ويحاول المستحيل لكي يتجنب أن يعترف بخطئه او على الاقل التفكير بأنه .. قد يكون مُخطئاً فنحن ننغمس في أنفسنا "
ومن ثم تستطرد كاثرين سشولز بسؤال من في المؤتمر .. من منكم قادر على ان يعدد المعتقدات او الخيارات او القرارات الخاطئة التي يؤمن بها .. ببساطة لا أحد .. فبحسب قولها نحن نعيش الحالة اللحظية على الدوام مما يجعلنا ضيقي الأفق فيما يخص الماضي والمستقبل حيث تقول "
إن التجرد في تقيم النفس وفي كونها عرضة للخطأ تتناثر بعيداً ولا يمكننا أن نفكر بأي شيء نحن مُخطئون حياله والمشكلة في هذا .. هو اننا في حالة " الآن - اللحظة الحالية " حيث هنا نعيش .. نحن نحضر الاجتماعات في حالة " الآن - اللحظة الحالية " نحن نخرج الى الرحلات العائلية في حالة " الآن - اللحظة الحالية " نحن نصوت ... ونعبر عن آرائنا في حالة " الآن - اللحظة الحالية " انها طريقة فعالة لكي نمضي قدماً في هذه الحياة وان نحبس أنفسنا في هذه الفقاعة التي تحيط بنا والتي هي شعورنا بأننا مصيبون في كل شيء "
وتعقب عن هذا كاثرين سشولز بقولها نحن دوماً نحبس أنفسنا في فقاعة وهالة توهمنا دوماً اننا مصيبون وهذه مشكلة كبيرة بحسب قولها وتقول ان اختراق هذه الفقاعة والخروج منها هو أعظم ما قد يقوم به المرء حيال نفسه كما جاء في قولها "من الممكن الخروج من هذه الفقاعة .. وان قمتم بذلك .. فإن هذا سيعد أعظم تصرف أخلاقي .. وواع .. ومبدع .. يمكنكم القيام به في هذه الحياة "
وتصف الفرد المتعنت في فقاعته ب ويلي الذئب القيوط الذي يظهر في كارتون الأطفال الذي يستمر على الدوام في ملاحقة الطائر آملاً منه باصطياده ولكنه دوماً ينتهي به الأمر في السقوط من على الجرف حيث تقول " دعوني أشرح كيف هي الحقيقة عن كون المرء مخطئ هل تذكرون كارتون " اللوني تون " عندما يظهر فيه " ذئب القيوط " وهو يلاحق .. الطير العداء ولا يمسكه على الإطلاق في كل حلقة يحدث الآتي .. هناك لحظة .. يكون الذئب يلاحق الطائر فيعدو الطائر من الجرف وهذا امرٌ طبيعي .. لان الطائر يستطيع الطيران ولكن المشكلة .. ان الذئب يعدو خلفه عبر الجرف .. والذئب .. لا يجد مشكلة في ذلك ويستمر بالعدو .. الى تلك اللحظة التي ينظر بها الى أسفل قدميه .. ويدرك انه في الهواء معلقاً ومن ثم يسقط سقوطاً مدوياً ... نحن كذلك عندما نكون مخطئين ولا ندرك ذلك .. اقصد قبل إدراكنا لذلك نحن مثل هذا الذئب اثناء عدوه عبر الجرف .. إلى حين نظره إلى اسفل منه نتوهم اننا على ارض صلبة .. ولكننا لسنا كذلك على الإطلاق "
وتصف هذه الحالة بالعمى .. وتقول " نحن لا نملك اي دليل داخلي يدلنا على اننا مخطئون تماماً حيال امر ما حتى يفوت الوقت قد فات على إصلاح ذلك تماماً "
وتعيد سبب هذا لتراكم الثقافة الذي يقوض الإنسان ضمن هذه الفقاعة فيصب الخطأ الذي يقوم به الإنسان هو " ذنب " او جريمة فتقول "نحن نتعلم و نجبل على ان الأشخاص الذين يقومون بالأخطاء هم الكسالى .. وعديمي المسؤولية وايضاً علاوة على هذا نحن نجبل على فكرة ان الطريق الى النجاح في هذه الحياة يجب ان يكون معفياً من الأخطاء "
فحبس انفسنا ضمن هذه الفقاعة بحسب قول كاثرين سشولز مريح جداً حيث تقول "
اننا نجزع من فكرة اننا قد نخطئ لان تبعا لما سبق فأن نقع في الخطأ يعني ان هناك خطأ فينا نحن كأفراد لذا نحن نصر دوماً على اننا مصيبون دوماً لان هذا الإصرار يجعلنا نشعر اننا أذكياء وذوي مسؤولية وحيويين وآمنين " وهذه لب المشكلة فالتعنت دوماً اتجاه قرار ما خطرٌ جداً بحسب قولها " إن الوثوق بصورة تامة متعنتة على أنك على مصيبٌ في أمرٍ ما قد يكون خطراً جداً "
ومن ثم تضيف كاثرين سشولز اننا لسنا فحسب نتعنت تجاه قراراتنا بل تجاه الأشخاص والإشارات والمواقف التي تحيط بنا والتي تحاول ان تؤول بيننا وبينه وتقول ان الجميع مهما كان مستواهم الثقافي او الاقتصادي يبررون تعنتهم بنفس الأسلوب وهذا الأسلوب يقوم على ثلاث افتراضات واهية على النحو التالي
1- انهم جاهلون ولا يملكون نفس المعلومات التي نملكها نحن حيال ذلك الامر وان قمنا بعرض كل المعلومات التي نملكها بكل كرم لا بد ولا محالة ان يستوعبوا خيارنا !
2- انهم لامحالة أغبياء لانهم يعون كل حيثيات القصة ولا يستطيعون تجميعها سوية لكي يستوعبوا ما نستوعبه نحن
3- انهم يعلمون الحقيقة ولكنهم يتعمدون طمسها لأسباب " شيطانية " وتحوي مصلحة شخصية !
وتقول اننا نلجئ دوماً الى الافتراض الثالث ان كان الأشخاص هم أذكى و أوعى منا ونحن نعلم ذلك فلا نستطيع الا ان نشكك بدوافعهم من اجل ارضاء ذواتنا
.. وتعقب وهنا يكمن الخطر دوماً ومن ثم تقول "
هذا التعنت التام تجاه صواب خياراتنا يمنعنا من ان نعترف بأخطائنا في اكثر الأحيان احتياجاً لذلك ويدفعنا الى ان نعامل بعضنا الآخر بصورة سيئة ولكن بالنسبة لي .. الأكثر سوءاً من كل هذا والأكثر إيلاماً هو اننا نفقد المعنى الأساسي من كوننا بشر ان الامر كما لو اننا نريد ان نتخيل ان عقولنا ماهي الا نوافذ شفافة ويمكننا ان نخرج من خلالها لكي نصف العالم كما هو من خلال هذا الإطار ونرغب بكل تعنت ان يقوم الآخرون بهذا على نحو سواء وان يروا الامور من نفس الزاوية التي نراها منها هذا خطأ كبير "
ومن ثم تستطرد كاثرين سشولز متحدثة عن الخطأ وانه امر طبيعي وتقول " ان قدرتنا على ان نخطىء ليس امرٌ محرج ففي النفس البشرية شيءٌ يجلعنا نتجاوز الاخطاء حينما نكتشفها ونعيد بناء انفسنا وهو امرٌ محوري في وجودنا البشري "
وتقول كاثرين سشولز ان الخطأ في حياتنا لا بد ان يحدث بل يحدث على الدوام وهو المحرك الأساسي لهذه الحياة لكن تعنت الإنسان أحيانا يوقعه في فقاعة التوهم انه مصيب دوماً وهذا ما يجعله يتقوقع في حياته بعيداً عن منطقيته ويلتزم بخطئه فيذوب فيه حتى يتلاشى لانه فقط لا يريد ان يقتنع ان الخطأ جزء من اللعبة الكبيرة الحياة حيث تقول " هذه هي الحياة تحمل السعادة والتعاسة ونحن نؤلف القصص من حولنا عن العالم الذي يحيط بنا ومن ثم يرتد العالم علينا .. ويفاجئنا " وتختم محادثتها بقولها ان الإبداع يكمن في الاعتراف في الخطأ " بالنسبة لي ان أردت ان تعيد اكتشاف الإبداع عليك ان تخرج من دائرتك ومن فقاعتك التي توهمك انك مصيب دوماً حاول ان تستمع للآخرين من حولك وانظر الى عظمة وتعقيد وجمال الكون من حولك وأن تكون قادراً على ان تقول
" ياااه .. أنا لست متأكداً مما يحدث .. ربما أكون قد مخطئاً في هذا ""
وبهذا تنتهي هذه المحادثة الشيقة بدعوة للجميع للإعتراف بأخطائهم واستدراكها .. والنظر الى النصح والاشارات والامور التي تجول من حولنا والتي تحاول دوماً ان تقوض تعنتنا داخل قوقعة نرجسيتنا وبهذا ينتهي التقرير
شكراً كاثرين سشولز