لماذا القلق من نشوب حرب؟
لن تقع حرب ، وأمريكا لن تحارب في سوريا،
وكل ما في الامر هو" ضربة" سريعة وانيقة وخاطفة وجراحية ودقيقة والخ....
حسب القاموس الامريكي الجديد،
قاموس حروب الفرجة
الذي" يلقن" الضحايا قبل الحرب كيف يتخيلون الحرب،
كيف يسمون الحرب" ضربة أو حملة تأديب"،
وكيف يموتون ايضا في حال حصول" خطأ في المعلومات" حسب القاموس.
في حرب الفرجة لا تتغير العناوين فحسب،
بل تتغير ساحة الحرب ومواقع المتحاربين:
لن تكون هناك مشاهد جثث مرمية،
ولا دماء ـ انها الضربة النظيفة ـ ولن تروا جنودا يقاتلون جنودا،
بل غرف عمليات انيقة وأقداح قهوة على طاولات
واجهزة حاسوب يجلس خلفها شباب وشابات في غاية الاناقة والبهجة
يضغطون ازرارا ضد أعداء غير مرئيين
ومدن غير مرئية.
نحن لا نرى كيف تزال المدن،
ولا نسمع صرخات القتلى،
بل الصوت الوحيد الذي سنسمعه هو صوت المعلق التلفزيوني العربي
أو الامريكي وهو يشرح لنا جماليات الصواريخ،
ودقتها وطولها وعرضها،
لكي نقع في غرام القاتل
ونعشق اداة القتل
ونحلم بتكرار حفل الالعاب النارية البهيج.
في حرب الفرجة التي قيل انها محدودة وسريعة وربما بضعة ايام،
ستعود سوريا الى زمن القرون الوسطى،
بذريعة نظامها السياسي كما في العراق الذي خرب بذريعة دكتاتور أوهج من صنعهم هم،
وبعد أن يتم تحويلها الى أنقاض،
لأن الاهداف معدة من قبل اسرائيل منذ عشرات السنوات،
سيطلب من السوريين تنظيف الشوارع من الموتى،
ووضع الرايات على السطوح،
وبداية الزمن الديمقراطي.
بدات منذ ايام عملية تدريبنا وتلقيننا كيف نفكر وكيف نتصرف وكيف نسمي الوقائع
عبر عملية اعداد نفسي طويلة
من صنع خبراء في الاعلام وعلم النفس والدعاية والاساطير والابتزاز والقتل والاديان والترويض الناعم.
هناك سطح أملس وجميل وسط البحر هو سطح حاملة الطائرات الامريكية
تنزلق فوقه طائرات معبأة بصواريخ
تحلق فوق الغيوم ـ يا للروعة ـ لأن العربي يتخيل ساحة الحرب عبارة خيل وليل وصحراء وقلم،
لكن حرب الفرجة مثيرة ومدهشة بل مفرحة
وسنقضي اياما ممتعة ونحن نرى المعجزة الامريكية والبريطانية والفرنسية وهي تصنع لنا تاريخاً
بعد محو التاريخ السابق،
وتصنع لنا ذاكرة جديدة بعد تحويل الاولى الى بياض عير سلسلة متواصلة من قصف وحشي ليلي أو في الفجر
وفي الظلام وقطع الاتصالات
لكي يقع الانسان في هاوية الفراغ والصدمة والمجهول
يفرغ الانسان من هويته وذاكرته وادميته.
لكن المشهد الدموي من هذه" الضربة" الانيقة
ستتكفل به الجماعات الاسلامية الارهابية المسلحة
وهو مشهد معد بعناية فائقة
بعد اعداد المسرح،
تذكروا اننا سنكون امام مشاهد انتقام مروعة يقوم بها عرب ضد بعضهم،
ومسلمون ضد مسلمين،
لأن الحرب تبدأ عندما تنتهي" الضربة" الأمريكية.
حرب الفرجة
الكاتب العراقي حمزة الحسن