زنوبيا .. ملكة الشرق
زنوبيا ملكة تدمر (بالميرا) و الشام والجزيرة، وهي الزباء بنت عمرو بن الظرب بن حسان ابن أذينة بن السميدع،
سورية وأمها إغريقية من سلالة كليوبترا ملكة مصر في عصر البطالمة، وقد كانت زوجة لأذينة ملك تدمر الملقب بسيد الشرق الروماني و ملك الملوك ..
امتدت سلطته على سورية وسائر آسيا الرومانية، و كثيراً ما حارب الفرس وردهم عن بلاده، وكان إذا خرج إلى الحرب أناب الملكة زنوبيا لتحكم تدمر بمهارة، وكانت تدمر (بالميرا) مدينة تجارية توجد أطرافها بطرف الجزيرة علي حدود الشام والعراق، وتحيط بها الجبال، وكانت محط قوافل الجمال ق .م.
صفات زنوبيا
وكانت الملكة زنوبيا قد إشتهرت بجمالها وولعها بالصيد والقنص، قيل عنها : (أنها كانت ذات رأي وحكمة وعقل وسياسة ودقة نظر وفروسية وشدة بأس وجمال فائق.
وكانت سمراء اللون قوية اللحظ، وكانت الهيبة والجمال والعظمة تلوح على وجهها وكانت أسنانها بيضاء كاللؤلؤ وصوتها قوياً وجهوراً، وجسمها صحيحاً سالماً، وكانت الابتسامات لا تفارقها، فعاشت بعظمة ملوكية مقلدة ملوك الأكاسرة، فكانت تضع العمامة على رأسها وتلبس ثوباً أرجوانياً مرصعاً بالجواهر وكثيراً ما كانت تترك ذراعها مكشوفة.
وتثقفت بالثقافة الهيلينية ، وكانت تتكلم الآرامية وبعض اللاتينية (الرومانية) والإغريقية والقبطية، وكان لها اطلاع على تاريخ الشرق والغرب، وكانت تقرأ لهوميروس وأفلاطون وألِفَت تاريخاً عن الشرق ومصر وآسيا.
لقد كانت زنوبيا ملكة مثقفة وتحب الثقافة, تعمقت بالثقافة الشرقية والغربية, وتعلمت اللغات السائدة في عصرها بالإضافة للآرامية, وبعد اعتلائها العرش حشدت حولها مجموعة من المفكرين والعلماء والفلاسفة.
واهتمت زنوبيا بعمارة تدمر فبنت القصور والهياكل إلى جانب الحصون والقلاع, وشمل الإصلاح الزراعي البراري الشاسعة حول تدمر, فأوصلت إليها المياه ومدت فيها الطرق, وشيدت مدينتين على ضفتي الفرات, وازدهرت الحياة في عصرها وعاش شعبها في بحبوحة.
حكمها لتدمر
ولما قتل أذينة(عام267م) بطريقة غامضة، تولت المُلك باسم ابنها وهب اللات ..
ولما سآءت العلاقات بينها وبين الإمبراطور الروماني أرسل الإمبراطور لها جيشه للإستيلاء علي تدمر فهزمته ،،
بعدها توجهت لمصر وكانت تابعة للرومان واحتلتها ومنعت حبوبها عن روما، وعززت علاقاتها التجارية مع الحبشة وجزيرة العرب، وتوسعت مملكتها حتي أصبحت من شواطئ البسفور حتى النيل، وأطلقت عليها الإمبراطورية الشرقية ..
لكن الإمبراطور الروماني أورليانوس حاول التفاوض مع الملكة زنوبيا لوقف زحف جيوشها مقابل الإعتراف بألقاب ابنها وامتيازاته، فضربت النقود في إنطاكية والإسكندرية عليها صورة وهب اللات على وجه وعلى الوجه الثاني صورةالإمبراطور أورليانوس، لكنها عهدت بملك مصر إلى ولدها وأزالت من النقود صورة الإمبراطور ونادت بالاستقلال الكامل عن روما، لكن الإمبراطور صمم على التنكيل بها وسحق الدولة التدمرية ..
فأرسل جيشاً رومانياً بقيادة بروبوس إلى مصر سنة 271م ومنحت لتدمر، و جيشاً آخر بقيادة الإمبراطور أورليانوس نفسه توجه به إلى آسيا الصغرى ليلتقي الجيشان في تدمر، احتل بروبوس مصر، وبلغ أورليانوس أنطاكية، فهزم زنوبيا هناك في معركة دامية، مما جعلها تنسحب لتدمر ليتعقبها أورليانوس حتي بلغا حمص، فدارت بينهما معارك شرسة، وانهزم جيشها ..
ووصل أورليانوس تدمر وحاصر أسوارها حصاراً محكما حتي نفدت مؤن الطعام بها، وكانت قد حصنت المدينة ووضعت على كل برج من أبراج السور اثنين أو ثلاثة من المجانيق تقذف بالحجارة المهاجمين لأسوارها وتمطرهم بقذائف النفط الملتهبة، والتي كانت تعرف بالنار الإغريقية، وقاومت الغزاة بشجاعة معلنة القتال حتي الموت، عرض أورليانوس عليها التسليم وخروجها سالمة من المدينة الني لن تمس، لكنها رفضت ..
و حاولت زنوبيا الهروب ووصلت نهر الفرات إلا أنها وقعت في الأسر واقتيدت إلى أورليانوس وهو في ميدان القتال فأحسن معاملتها سنة 282م، ثم اقتادها معه إلى روما ولم يقتلها بل قتل بعض كبار قوادها ومستشاريها بعد محاكمة أجريت لهم في حمص.
انتحارها
انتهت حياتها في منزل بسيط في تيبور أعده لها أورليانوس، وانتحرت بالسم ..
بعدما حكمت تدمر و مصر والشام والعراق ومابين النهرين وآسيا الصغرى حتي أنقرة .
::
لقد كثرت الروايات عن هذه الملكة الحكيمة الشجاعة ..
وألفت حولها الكثير من القصص والروايات ..
فهناك أسطورة حول شعرها الكثيف والطويل, ويقال: إنها لقبت بالزباء لغزارة شعرها.
وقال ابن الكلبي ( كان لها شعر إذا مشت جرته وراءها, وإذا نشرته جللها)
ولكن الصور التي ظهرت لها على النقود والتي ضربتها باسمها لم تظهر لها ذلك الشعر الطويل.
ولقد كان العرب يضربون بها الأمثال في الشجاعة وعزة النفس ..
ومهما اختلف الرواة أو اتفقوا حول حقيقة زنوبيا ..!
فإن آثارها الباقية في تدمر وفي أرجاء مملكتها تثبت أنها كانت امرأة عظيمة في هذا الشرق تركت آثارا خالدة..
لقد كانت بحق ملكة الشرق