الاصلاحات الليبية بعد انتفاضة 17 فبراير .. إلى أين؟
انتفاضة السابع عشر من فبراير الليبية التي شملت معظم المحافظات
والمدن والقبائل الليبية ضد نظام الحكم ،
انتشرت في الآونة الاخيرة كما تنتشر النار في الهشيم
جراء العنف المفرط الذي اقترفته قوات الامن الليبية
ضد المواطنين المحتجين الراغبين في اجراء مزيد
من الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
بعدما عانى الشعب الليبي على مدار اثنين واربعين عاما
الكثير من المعاناة في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وهذه الانتفاضة هي الاكبر في وجه النظام الليبي
منذ استيلائه على الحكم بانقلاب عام ,1969
وهي تمثل نقطة اللا عودة بين الشعب والنظام
مع سقوط مئات القتلى معظمهم في مدينة بنغازي
وانضمام كبرى القبائل لصالح الشعب في هذه التظاهرات
التي تطالب بتصحيح وتصويب الاوضاع في ليبيا ،
حيث يؤكد المعارضون ان ليبيا التي تسبح
على بحر من النفط لا يستفيد شعبها
من هذه الثروة شيئا حيث توزع كما قال المتحدثون
امس الاول على بعض الدول الافريقية
وبعض حركات التحرر التي لا تفيد شعب ليبيا
باي شيء يذكر بل تسهم في اظهار موقف النظام فقط،.
لقد استمعت ليلة امس الاول الى حديث سيف الاسلام القذافي
عبر كلمته المتلفزة المطولة والتي تحدث فيها عن الاوضاع الميدانية
في ليبيا منذ يوم الخميس الماضي حيث اسهب
في حديثه الذي طال انتظاره بقوله "
ان المنطقة تمر بعاصفة الثورات والتغيير والتحرر
وانه في هذا الجزء من العالم لا بد ان تتحقق التغييرات
ان لم تكن من قبل الحكومات فستكون من قبل الشعوب"
لكنه لم يكتف بذلك.. بل حذر من تداعيات اية محاولة لتكرار
التجربتين التونسية والمصرية في ليبيا قائلا:
"ان هناك معارضين في الخارج ولديهم اصدقاء
واعوان في الداخل وبدأوا بتقليد مصر وتونس مستخدمين
ما يسمونه بالفيس بوك واستغلوا حادثة السفارة الايطالية
في بنغازي وتظاهرات يوم الخميس الماضي
لينفذوا فتنة انفصالية تهدد الوحدة الوطنية لليبيا كامة واحدة".
والواقع ان ليبيا شهدت خلال اليومين الماضيين
مجازر مشهودة لم يشهد لها العالم العربي مثيلا.
. في ظل موجة قتل منظمة مارستها القوى الامنية
وفرق المرتزقة والبلطجية الحكومية ضد هذا الشعب
الاعزل ، حيث سيطرت مجموعات اسلامية
وغيرها على مدينة البيضاء بعد سقوط بنغازي
بيد الثوار. وهي المدينة التي كانت تاريخيا
الاشرس في المقاومة للاستعمار الايطالي
ومن اكثر المناطق رفضا لسياسات السلطة
سواء كانت ملكية في عهد السنوسي سابقا..
او جماهيرية في عهد القذافي..
ولقد كان لافتا تحرك اهل طرابلس الغرب..
رغم كل مساعي النظام الى تجييش الشباب
المنخرط في اللجان الشعبية وبعض قبيلة الزعيم "القذاذفة".
لم تستطع كلمات سيف الاسلام تهدئة الاوضاع في ليبيا
بل اسهمت في اقدام العديد من القوات الليبية في طرابلس
على الانضمام الى الشعب ضد الثورة..
بل دعا شيوخ القبائل الى تهديد النظام بوقف تزويد
اوروبا بالنفط والتي تسيطر على المنطقة قبائل
تؤيد هذه التظاهرات العارمة والتي تلقى
اهتماما ودعما كبيرا من قبل الشعب الليبي،،
ولكن.. امام هذه المجازر للنظام الليبي في بنغازي
وطرابلس والبيضاء.. فان الصمت الدولي عنوان
اليوم الاحمر الطويل.. حيث بقي التظاهر سيد الموقف..
وسط اكتفاء واشنطن ولندن والاتحاد الاوروبي
بالتشديد على ضرورة عدم استخدام العنف وضبط النفس
رغم كل الصور والانباء التي تتحدث عن نوعية المجازر
غير المسبوقة في البلاد،، فالاحداث في ليبيا المناهضة للنظام الليبي
، الذي عرف بعدم اجراء اي اصلاحات يذكرها الشعب المنتفض
، تطورت بشكل دراماتيكي مع خروج الشعب في طرابس
والسيطرة على العديد من المناطق والتي
هددها سيف الاسلام في خطابه عندما
وضع الشعب امام خيارين لا ثالث لهما..
اما الحرب الاهلية او الانفصال والدم والفقر والجوع
والاقتتال الطويل المدى والامارات الاسلامية المرتقبة
والاستعمار الجديد.. او الشروع ابتداء
من اليوم بحوار وطني تحت عباءة المؤتمر الشعبي
لاعادة بناء ليبيا جديدة.. الجماهيرية الثانية
بدل الجماهيرية الاولى ذات دستور
وعلم ونشيد وطني جديدين..
وقوانين اعلام واحزاب وعقوبات.
والسؤال.. اين كان القذافي وانجاله سيف الاسلام
وخميس والمعتصم والساعدي قبل هذه الانتفاضة
من هذا الانهيار في الخدمات للمواطنين،؟ فهل
جاءت صحوة سيف الاسلام حاليا وهو الذي
قدم المليارات نيابة عن والده في قضية لوكربي..
والتي كانت مأساة للشعب الليبي الذي يتضور جوعا
فيما رئيس هذا النظام يواصل تنظيره حول الكتاب الاخضر
وغيره من اجل تأكيد مقولته بانه لا نظام مستتبا سوى في ليبيا؟.
والواقع ان كل المؤشرات والمعطيات التي وردت
من ليبيا تؤكد ان هذا النظام الذي لم يترك له صديقا عربيا..
بدأ يتهاوى مع تصاعد الاحتجاجات الدامية
في المدن الكبرى التي تطالب باسقاط النظام.
. بعد استمرار اطلاق الرصاص الحي والقذائف
من قبل المرتزقة الافارقة وغيرهم
في محاولة لانهاء ثورة هذا الشعب الليبي،،.
واذا كانت رياح التغيير قد دبت في بعض الدول العربية
مثل ليبيا واليمن بعد الثورتين الشعبيتين في تونس ومصر
فان هذا الزلزال الجديد في ليبيا سيكون له الاثر الكبير
نحو تحسين اوضاع الشعب وبناء استراتيجية اصلاحية
شاملة بعد ان عجز عنها هذا النظام على مدار 42 عاما الماضية.
. ولعل اهم ما يميز الثورة الليبية التي ترمي الى الاصلاح الشامل
هو انها واجهت الكثير من عمليات القتل والتشكيل
بحيث صبغت ساحات ومدنا ليبية بالدم في مختلف
المدن دون رحمة او شفقة لهذا الشعب الذي محض
النظام الليبي دعمه على مدار الاثنين والاربعين عاما..
والذي لم تسهم الحكومة الليبية باية اجراءات اصلاحية
على مدى السنوات الطويلة الماضية
سوى التسويف والوعيد للمخالفين،،.
لقد فشل النظام الليبي في تحقيق اهدافه على الساحة المحلية والعربية
بل اهتم بالقضايا الدولية حيث رفع شعارا
مضادا للاستعمار واعوانه واقدم على تسمية
ليبيا بالجماهيرية.. وبايعه العديد من الزعماء الافارقة
بملك الملوك للقارة السوداء.. لكونه اغدق عليهم
الاموال بصورة كبيرة وترك شعبه يرزح تحت
الفاقة والفقر والبطالة وعدم توفير ابسط الحياة له
بالرغم من ان تعداده لا يزيد عن الستة ملايين
نسمة فيها تقع ليبيا على بحيرة عائمة من النفط
تصل مجموع احتياطيها الى اكثر من سبعة واربعين مليار
برميل من النفط،،.
فالمطلوب توقف النظام الليبي
عن قتل المواطنين والتصدي لهم بكل صلابة
وقسوة والسعي لتحقيق مطالب هؤلاء المتظاهرين
الشرعية لانهم يطالبون بوقف التبديد بالثروة
وتوفير ابسط وسائل العيش لهذا الشعب الصغير
في تعداده والكبير بمداخيله وثرواته.
الإثنين نوفمبر 27 2023, 02:44 من طرف 
موضوع: الاصلاحات الليبية بعد انتفاضة 17 فبراير .. إلى أين؟ 
