الأرض تشكو تمرد الإنسان! قال الله تعالى :
{ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة } , لقد شاء الله جل في علاه
أن يكرم الإنسان ويعظم منزلته
في استخلافه في الأرض وتكليفه بعمارتها ,
وقد هيأ الله له القدرة
على استخراج ما أودعه فيها من طاقات وكنوز
وخامات وعناصر ومياه لعمارها وتنمية الحياة في
مختلف مناطقها المتنوعة ,
فخصه بالقدرة على التكيف مع البيئة
وتكييفها لما يخدم مصالحه ليتحقق
في الأرض الحياة بإرادة الله على يد الإنسان ,
ولكن الإنسان بعد أن نصب نفسه في الأرض سلطان
بغى وتمرد وعاث في الأرض الفساد ,
فبدل أن يستخدم ما أودعه الله
في الأرض من موارد وثروات
تعين على تنمية الحياة في الأرض
وازدهارها استخدمها لقتل الحياة ودمارها ,
عندما أراد الإنسان أن
يكون هو السيد المهاب وأنه صاحب المشيئة
النافذة المطلقة
في إدارة شؤون الأرض متجاهلا الأوامر
الإلهية والنصوص التشريعية التي ترشده سبل السلام
وتحقق له الأمان وحياة الوئام ,
وقد أخذه الغرور
بأنه صاحب العقل المدبر للأمور
وأنه جدير بوضع القوانين ,
فسار الإنسان بجهل عقله وخلل تفكيره
وفساد رأيه إلى تحويل الحياة البشرية
إلى غابة للوحوش الضارية المتعطشة للدماء
, فشرعوا في صنع
أسلحة الدمار الشامل وتسارعوا على الاستفراد بالقوة
والسيادة فالكل يريد
السيطرة والقيادة فدارت لأجل
أطماعهم حروب طاحنة وسفكت أنهارا دامية
وزرعوا في الأرض الألغام عوضا عن زراعة الأشجار
ورووا الأرض بدماء الأبرياء
عوضا عن روايتها بالماء ,
لقد استوحشت البشرية في ظل الطمع
والعنصرية ,
لقد تمرد الإنسان عن طاعة رب البرية
واتباع النصوص الشرعية فورث في الأرض
الدمار بأسلحة الدمار وأحدث فيها
الأخاديد والأغوار ودمر المباني والأشجار
ولوث البحار والأنهار
وحلق في السماء بقنابل شديدة الانفجار , فما عاد في الأرض سلام ولا ملاذ به الأمان ولا رشد
واتزان وباتت الأرض من قهر الطغيان
وفرط الفساد والإجرام تشكو تمرد الإنسان .
اللهم ارحمنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض
وصلى الله علي الهادي الأمين إمام المتقين
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
ودمتم في حفظ الله وفي رعايته