ميدان التحرير.. قِبلة المصريين للاحتجاج وساحة معركة بين مؤيدي ومعارضي مبارك الخميس 30 صفر 1432هـ - 03 فبراير 2011م
حظي ميدان التحرير بصيت واسع في وسائل الإعلام الإقليمية
والعالمية
على مدار الأيام العشرة الماضية من عمر انتفاضة المصريين ضد نظام
مبارك،
والتي انطلقت في 25 يناير/ كانون الثاني، لا سيما بعد الاشتباكات
التي شهدتها
الساحة الشهيرة بين معارضين ومؤيدين للرئيس المصري حسني مبارك،
وسقط فيها 5 قتلى ومئات الجرحى حتى الآن.
وتحول الميدان منذ يوم الأمس إلى ما يشبه "ساحة معركة"،
مازالت رحاها تدور
إلى الآن بين معارضين لنظام مبارك يعتصمون فيه،
وموالين له هاجموا المحتجين
في الميدان من مداخل عدة، مستخدمين حصناً وجمالاً
وأسلحة بيضاء، ذكرت
الكثيرين بمعارك الحروب الوسطى،
في مشهد لم يخطر على بال أي من المتابعبن
للأحداث.
اسم ارتبط بالثورات ميدان التحرير ممتلئاً بالمتظاهرين
وفي كل الأحداث الكبيرة التي
شهدتها مصر في تاريخها المعاصر،
كان ميدان التحرير على الدوام قبلة
المصريين للاحتجاج والتعبير عن غضبهم
في ما يستجد من قضايا داخلية، أبرزها
"ثورة الخبز" التي اندلعت في عهد الرئيس
الراحل أنور السادات عام 1977
لمطالبته بالعدول عن رفع الدعم عن المواد الأساسية.
وأخذ الميدان تسميته الحالية "التحرير" عقب ثورة 1952 التي قادها محمد نجيب
وجمال عبد الناصر مع مجموعة من الضباط الأحرار للانعتاق من ربقة احتلال
بريطاني
للبلاد بقي جاثماً على صدور المصريين ردحاً من الزمن (1882-1952)،
حيث كان المكان ساحة للمطالبة بالتحرر من الاحتلال. وفي ما سبق حملت الساحة
تسمية "ميدان الإسماعيلية" نسبة إلى الخديو إسماعيل (1830-1895)،
حيث تأسس
الميدان في عهده.
ومن أهم الشوارع الرئيسية المؤدية إلى الميدان، الذي يعد من بين أكبر
الميادين في القاهرة
وأهمها؛ شارع رمسيس والقصر العيني وطلعت حرب والجلاء،
بالإضافة إلى شوارع
فرعية أخرى تصب في المكان ذاته، مثل البستان، ومحمد
محمود، والشيخ ريحان وجاردن سيتي.
وربما لم يدر في خلد الكثير من المحللين الأمنيين أن تتحول هذه الشوارع
الى شرايين ترفد الميدان بعشرات الآلاف من المتظاهرين،
الأمر الذي فاجأ قوات
الشرطة والأمن المركزي في السيطرة
على تدفق المحتجين إلى المكان،
لا سيما يوم "جمعة الغضب"،
حيث غصت ساحاته في ساعات قليل بأكثر من 15 ألف متظاهر.
معركة كسب "الميدان" ميدان التحرير خالياً من المتظاهرين
ويضم الميدان بين جنباته أماكن
مهمة تشكل أبرز معالم مصر الحيوية
منها مجمع المصالح الحكومية المعروف
اختصاراً بـ"مجمع التحرير"
، المتحف المصري، الجامعة الأمريكية بالقاهرة،
جامعة الدول العربية، مركز المعلومات
ودعم اتخاذ القرار التابع للحكومة
،
فندق النيل هلتون، بالإضافة
إلى إحدى أهم محطات مترو أنفاق القاهرة
يحيث التقي خطاه في محطة اسمها "السادات".
ويقع في محيط الميدان تسعة مقرات وزارية، أهمها وزارة الداخلية،
رئاسة مجلس
الوزراء، وزارة العدل، وزارة التضامن الاجتماعي
ووزارة التربية والتعليم،
بالإضافة إلى المقر الرئيس
للحزب الوطني الحاكم، الذي تم إحراقه في بداية الاحتجاجات
وعلى الرغم من محاولة الجيش إعاقة وصول المحتجين إلى الميدان
من خلال إقامة حواجز تفتيش عند مداخله، وتخصيص بعض الشوارع
دون أخرى للدخول إليه؛ إلا أن
ذلك لم يحل دون تدفقهم للمكان،
فكان مقصداً لعشرات الآلاف من المتظاهرين،
وبات بلوغه بمثابة إنجاز لمعارضي نظام مبارك،
الذين توافدوا عليه من كافة
محافظات البلاد.
وتحولت ساحات الميدان خلال الأيام القليلة الماضية
إلى رمز عكس من خلاله
المعتصمون جزءاً مما يحمل من اسمه،
عبر مطالب تركز أبرزها حول "التحرر"
من
نظام وصفوه بـ"الاستبدادي" استمر قرابة 30 عاماً،
وشهدت خلالها البلاد
الكثير من الفساد وتفشي البطالة
وتردي الأوضاع الاجتماعية لطبقة عريضة من
المصريين.
وعلى خلاف ما يظهر عليه الميدان على الدوام وهو مكتظ بالسيارات،
فقد احتشد
في ساحاته الألوف من المتظاهرين منذ عشرة أيام،
في مشهد لم تر مصر مثيلاً
له منذ أكثر من ثلاثين عاماً،
حين خرج المصريون للاحتجاج على رفع الدعم عن
المواد الأساسية عام 1977.
وعلى مدار اليومين الماضيين، شهد ميدان التحرير اشتباكات عنيفة
بين مؤيدين
ومعارضين للرئيس حسني مبارك
في ما يشبه معركة "كسر العظم"
من أجل السيطرة
على ميدان يعتبر استراتيجياً
لكلا الطرفين في التقدم خطوة إلى الأمام
على
حساب الطرف الآخر.